"لستم بغزة، بل أنتم بالحسيمة!" جاء هذا العنوان كتوصيف لمقطع فيديو يوثق لاستخدام الغازات المسيلة للدموع (لتفريق المتظاهرين) في شوارع الحسيمة، بؤرة الاحتجاجات المتواصلة للحراك في منطقة الريف الأمازيغية والمقيمة بجبال الريف  بشمال المغرب(الريف على الخط، 2017). حيث يخاطر محتجو الحراك بحياتهم في خضم احتجاجاتهم ضد استشراء الفساد ومطالبتهم بحقوقهم المدنية وجلب الاستثمارات العمومية الى هاته المنطقة الأمازيغية. تتواصل الاحتجاجات إذن منذ مقتل محسن فكري، بائع السمك المحلي بتاريخ 28 أكتوبر 2016، بعدما سحقته ضاغطة قمامة أثناء محاولته استرجاع 500 كيلوغرام من سمك أبو سيف، كانت الشرطة قد صادرته لكونه اصطيد بطرق غير مشروعة. وعلى إثر ذلك الحادث، انطلقت مظاهرات تضامنية (مع الضحية) في جميع ربوع المغرب، وكذا في أوساط الجالية المغربية في أوروبا. ومع اشتداد التوتر بين الحراك والسلطات المحلية، عمد المحتجون إلى استحضار القضية الفلسطينية لقراءة العنف الموجه ضد الحراك، مُبرزين أوجه التشابه مع ممارسات آلية الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة. ويستند المحتجون في طرحهم هذا إلى سردية متداولة بالمنطقة، إذ يعتبر السكان بأنهم في وضع مماثل لوضع الفلسطينيين حين يواجهون جرافات القمع بشكليه الرمزي والفعلي، التي يسخرها المخزن. فالريف، شأنه في ذلك شأن غزة، يعاني من الانحصار الجغرافي، والقمع السياسي، والتهميش الاقتصادي.

هذا ويتيح استحضار غزة لنشطاء الحراك امكانية ردم الهوة الرمزية بين إسرائيل، باعتبارها دولة استعمارية استيطانية، والمغرب، كتشكيل ما بعد استعماري يعمد إلى تهميش طائفة من سكانه. ومن الملاحظ أن دعم القضية الفلسطينية قد تحول بشكل ملحوظ من كونه تعبيرًا عن القومية العربية—وذلك في انسجام تام مع الخطاب الرسمي، إلى خطاب معارض يشبه الريف بفلسطين، ويماثل ما بين النضال التاريخي بإقليم الريف ضد الحكرة والإذلال الذي حاق المنطقة على يد المخزن، ونضال الفلسطينيين من أجل انتزاع حقوقهم وتقرير مصيرهم. ويبدو أن وسائل الإعلام الرسمية تعمل على فك هذه المعادلة بوسائل متعددة من بينها السخرية من متظاهري الحراك، وبخاصة بناصر الزفزاف، المتحدث باسمهم، فضلا على وصف المحتجين "بالانفصاليين " و"الإرهابيين"( البوزدايني، 2017؛ منبهي، 2017). ورغم سعي بعض النخب العلمانية الناشطة في إطار الحركة الأمازيغية، من خارج منطقة الريف، إلى إقامة علاقات حقيقية أو رمزية مع إسرائيل،  ظلت القضية الفلسطينية تغذي مخيلة المقاومة والاحتجاج بالمغرب، بطرق تتجاوز المسيرات، المحافل السياسية، و خطابات نشطاء القضية بالمجال العام. على سبيل المثال لا الحصر، في منطقة الغرب، تحضر القضية الفلسطينية في مخيلة النساء اللواتي يناضلن من أجل الاستفادة من الأراضي الجماعية، في حديثهن عن عمليات اقتلاع أشجار الزيتون من الأراضي الجماعية لإفساح المجال أمام مشاريع الخوصصة. حيث تستحضر هاته النسوة صورًا لفلسطينيات وهن يعانقن أشجار الزيتون، وكذلك في حديثهن عن هدم منازلهم بمدن الصفيح وداخل القرى متسائلات "أنحن فلسطينيات؟.

من الجلي أن استحضار فلسطين من قبل المغاربة خلال اصطدامهم بالآليات القمعية للدولة تعكس عقودا من الخطاب الرسمي للدولة حول  مناصرتها للقضية الفلسطينية، بالإضافة الى ابرازها أنماطا متعددة من التضامن المجتمعي الواسع و التاريخي مع المقاومة الفلسطينية.

القضية الفلسطينية كقضية دولة

منذ الحرب العربية الإسرائيلية التي دارت رحاها عام 1967، شكل المغرب منبرًا لاجتماعات وقمم عربية انعقدت للتشاور والتداول بشأن القضية الفلسطينية باعتبارها مكونا أساسيا لخطاب رسمي للدولة. فقد لعبت "القضية الفلسطينية" دورا محوريا في ترويج الملك الراحل، الحسن الثاني، للعروبة، وتبني النخب المغربية، بعد الاستقلال، إيديولوجية القومية العربية. وهكذا استضافت البلاد عدة مؤتمرات، بما في ذلك الاجتماع الذي التأم عام 1969 في أعقاب الهجوم المتعمد على المسجد الأقصى وإحراق منبره. والجدير بالذكر ان هذا الاجتماع مهد الطريق لإنشاء "منظمة المؤتمر الإسلامي" عام 1972، و"لجنة القدس" التي ترأسها الملك الحسن الثاني، ومن بعده، الملك محمد السادس. كما شهدت العاصمة الرباط كذلك، اعتراف "مؤتمر القمة العربية الثامن" المنعقد بحر 1974 ب"منظمة التحرير الفلسطينية" كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني".

لم ينل الدور الذي لعبه الملك الحسن في "اتفاقية كامب ديفيد"، كما تم تسريب فحواه، من هيمنة الدولة على السرديات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.[1] [4] بل إن "اتفاقية أوسلو"، الحاصلة سنة 1993، أضفت الشرعية على تحركات المغرب لتوثيق الأواصر بين الرباط وتل أبيب علنًا، من خلال تدشين مكتبي للاتصال بالعاصمتين، وفي سنة 1994، استضاف الملك، وفي سابقة فريدة من نوعها، قمة اقتصادية عربية-إسرائيلية بالدار البيضاء.

هذا وقد أكد محمد السادس، الذي خلف والده في عام 1999، التزام المغرب بدعم الكفاح الفلسطيني من أجل تقرير المصير مع التوجه نحو التطبيع مع إسرائيل في الوقت ذاته. وهكذا، ومن ناحية، تم إغلاق مكتب الاتصال مع إسرائيل ردًا على الاجتياح الإسرائيلي لجنين، بالضفة الغربية المحتلة، عام 2002. ومن ناحية أخرى، فإن انطلاق الحرب الكونية التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية على ما يسمى بالإرهاب، وبخاصة بعد الهجمات التي شهدتها الدار البيضاء في شهر مايو من سنة 2003، من طرف أفراد منتمين إلى التيار الإسلامي المتطرف والمعروف آنذاك بالسلفية الجهادية، بالإضافة إلى الأهمية المتنامية التي اكتسبتها "قضية الصحراء الغربية" في المحافل الدولية، قد تمخض عنهما الدفع بالقضية الفلسطينية إلى أسفل جدول الأعمال، وخارج اهتمامات خطاب الدولة المغربية. طبعا هذا باستثناء رسائل الإدانة أو الدعم التي تأتي بين الفينة والأخرى، كما حدث خلال مواجهات صيف 2017 جراء إقرار الإجراءات الأمنية الإسرائيلية (الجديدة) في المسجد الأقصى.

وعلاوة على ذلك، فإن مطالب الصحراء الغربية بتقرير المصير منذ الانسحاب الإسباني عام 1976 قد أحدثت تحولًا في الدبلوماسية المغربية التي صارت ترنو لإفريقيا، وبحسب مصادر غير رسمية، سعت الدبلوماسية المغربية كذلك إلى التقرب من الأطراف المؤيدة لإسرائيل بكل من وزارة الخارجية الأمريكية والكونغرس. إن تطبيع المغرب مع إسرائيل، الذي أضحى ساريا بالفعل من خلال المنابر الأورو-متوسطية، وكذا في اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية - ولا سيما مع الولايات المتحدة منذ مطلع 2004 – ساهم كذلك في الدفع بفلسطين إلى أسفل قائمة أولويات الدولة المغربية.

فلسطين والجماعات السياسية

وعلى الرغم من التواتر الصامد للقضية الفلسطينية في التمثلات الشعبية للقمع والعدالة، إلا أن المزاج العام بعد ما سمي بالربيع العربي،  يبقى  بعيدا كل البعد عن المناخ السياسي الذي ساد في سبعينيات القرن الماضي، عندما كانت فلسطين تستأثر بالمراتب الأولى ضمن أولويات الأنشطة الجامعية التي كانت تساوي بين الصهيونية والإمبريالية. كما يختلف هذا المناخ أيضًا عن الثمانينيات عندما استثمرت الحركات الإسلامية المشاعر الشعبية تجاه فلسطين وأعادت التعريف بها وتملكها كقضية إسلامية، وليس فقط عربية. وعلى الرغم من اختلافاتهم الايديولوجية وانقساماتهم السياسية، فقد استغل اليساريون  والإسلاميون، على حد سواء، المأساة الفلسطينية من أجل توسيع قاعدة تأييدهم، وبناء شرعية شعبية، ومطالبة الدولة باستحقاقاتهم.

وهكذا خرجت مسيرات حاشدة بإيعاز من الحركات الإسلامية خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، احتجاجًا على العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، و نظمت حركتا "جماعة العدل والإحسان" و" حركة التوحيد والإصلاح" مسيرات عدة  وحملات لجمع التبرعات من أجل مساندة الفلسطينيين في مقاومتهم للحصار الإسرائيلي المفروض على غزة، واجتياح جنين (2002)، والعمليات العسكرية في غزة (2008-2009، 2012، 2014)، والحرب على "حزب الله" في لبنان (2006). كما حشدت هذه الجماعات اعدادا هائلة من المغاربة في الشوارع وجددت الدعوات إلى المقاطعة، مما أفسح أفاقا رحبة جديدة للتضامن مع فلسطين، واذكاء المشاعر المناهضة للتطبيع في أوساط النخب المهنية والحضرية. أما بالنسبة للجماعات الإسلامية، ولا سيما "جماعة العدل والإحسان" المحظورة، فقد كانت هذه المسيرات بمثابة اختبار لشعبية الجماعة، واستعراض لنفوذها وإظهار لامتداد قاعدتها الشعبية الكبيرة أمام أنظار المخزن.  يجب التنبيه إلى أن التضامن مع فلسطين في منطقة سكان الريف الأمازيغ  يعقد ايضاً بعض الطروحات حول وجود انقسام عربي أمازيغي حول القضية الفلسطينية بالمغرب والذي طالما مثل سردية رئيسية حول الريف. كما أن دعم الحركات الإسلامية بالمغرب لكل من "حماس" و"حزب الله" يزعزع المنظور الطائفي السطحي القائم على الفصل بين السنة والشيعة، والذي تم تأطير المنطقة العربية برمتها من خلاله، منذ اندلاع الحرب العراقية-الإيرانية وبعد التغلغل الأمريكي في المنطقة من خلال حرب امريكا على العراق.  وقد أدى إشراك "حزب العدالة والتنمية" في الحكومة عام 2011،  كتجاوب للمخزن مع طلبات حركة 20 فبراير وعبر صناديق الاقتراع، إلى دق إسفين بين "إسلاميي المخزن"—كما يحلو لبعض نشطاء "جماعة العدل والإحسان" تسمية أعضاء "حزب العدالة والتنمية"— المجتمع المدني،  و الداعمين لحملات المقاطعة، والداعين إلى مناهضة مسرى التطبيع. وفيما لايزال الدعم المغربي لفلسطين حيا ونشطا، إلا أنه أمسى الآن أقل تركيزًا وأكثر تشتتًا وغالبًا ما يتم تفعيله من خلال مبادرات متواضعة على منصات التواصل الاجتماعي، أو وقفات محدودة النطاق على مستوى الشارع العام.

القضية الفلسطينية  في الطرح الأمازيغي

وحتى لو كان بالإمكان قراءة الاحالة إلى فلسطين من قبل متظاهري الحراك بالريف على أنها مجرد دعوات مبطنة لتقرير المصير، فإنها تبدو متناقضة بشكل صارخ مع الطرق التي اعتمدها النشطاء الأمازيغ في مناطق أخرى من المغرب، على مدى العقدين الماضيين، من حيث التنصل من تعبيرات التضامن مع فلسطين. فقد نظر هؤلاء النشطاء الأمازيغ، ولا سيما بالجنوب والجنوب الشرقي من البلاد، وفي أوساط النخب العلمانية المقيمة بالرباط، إلى كل أشكال التضامن باعتبارها وجهًا آخر من أوجه الخطاب القومي العربي المهيمن للمخزن. وكان الانتقاد العام، كما تم الإفصاح عنه على مر السنين، هو أن تركيز الدولة المغربية على النضال الفلسطيني كان وسيلة لصرف الانتباه عن مشاكل أعمق تتجلى في انعدام المساواة والتهميش بالمغرب نفسه.

وبحسب قصة يُفترض أنها ملفقة رواها نشطاء أمازيغ في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أمضى طالب قانون فلسطيني كان يدرس بمدينة فاس خلال التسعينيات عطلته متنقلا عبر جبال الأطلس الكبير، من قرية أمازيغية معوزة إلى أخرى، تفتقر كلها لأسباب الحياة من كهرباء ومياه جارية صالحة للشرب. وكان الفلسطيني أينما حل وارتحل، يلاحظ بأن القرويين يبادرونه  بالسؤال عما يمكنهم فعله لمؤازرة الشعب الفلسطيني، ونصرة قضيته. وبسبب تأثره بالظروف المعيشية التي كانت أسوأ مما شاهده في فلسطين، ضاق الطالب المتجول ذرعا فصاح قائلا: "رجاء، كفوا عن السؤال عما يمكنكم فعله من أجلنا، واسألوني، في المقابل، عما يمكنني أن أفعله من أجلكم".[2] هذا وقد تسببت القضية الفلسطينية، في نهاية المطاف، في قطيعة بين العديد من المناضلين الأمازيغ واليسار المغربي المعارض (بن العياشي، 2006؛ سيلفرشتاين، 2007). بل اندلعت مواجهات في أحرام الجامعات بين مناضلي الفصائل الأمازيغية والماركسية "للاتحاد الوطني لطلبة المغرب" بخصوص المظاهرات و المقاطعة دعما لفلسطين. وصار عدد من المناضلين الأمازيغ يتبنون خطابًا فلسفيًا ساميًا صريحًا يتحسر على رحيل اليهود المغاربة، كما شارك عدد منهم في مشاريع للحفاظ على الذاكرة المحلية والوطنية تكريما لتواجدهم بالبلاد في السابق من الزمن.[3]

بل اكثر من ذلك، فقد تبنت بعض الأطراف خطابا أكثر تطرفا، ا يشبّه القضية الأمازيغية، ليس بالنضال الفلسطيني المعهود، بل بالنضال الصهيوني لأقلية عرقية ولغوية تسعى جاهدة لتقرير مصيرها وضمان بقائها في بيئة عربية إسلامية. وعلى مر السنين، شارك أفراد ومجموعات من النشطاء الأمازيغ في مؤتمرات انعقدت بإسرائيل، وقاموا بجولات في مواقع التراث الصهيوني، كما التقوا بأعضاء ينتمون للحكومة الإسرائيلية (مادي-ويتزمان، 2011).

ومن المؤكد أن مثل هذا الموقف المتعاطف مع الشعب السامي أو الموقف الصهيوني الناعم كان دوما يتعارض مع الرأي العام المغربي السائد، حتى في المناطق الجنوبية الناطقة بالأمازيغية حيث كان معظم الأهالي غير الناشطين، أمثال القرويين في القصة المذكورة أعلاه، متعاطفين مع النضال الفلسطيني بشكل عام. بيد أنه خلال العقد الماضي، أخذ هذا الموقف بالتدريج يتسق مع مسرى تطبيع الدولة المغربية لعلاقاتها مع إسرائيل، وكذلك مع التحول الطارئ في تعريف الهوية الوطنية (كما هو منصوص عليه في الدستور المعدل لعام 2011) من هوية عربية إسلامية أحادية إلى هوية تحتضن صراحةً الأبعاد الأمازيغية والمتوسطية والعبرية للهوية المغربية.

فلسطين المغرب

وخلاصة القول، لا ترتبط "فلسطين" في المغرب بفلسطين، بقدر ما ترتبط بالمغرب نفسه. فمن ناحية، وباعتبار فلسطين دعامة إيديولوجية ساعدت الدولة على إدارة شؤون شعب فقير مُحتَمَل التمرد. ومن ناحية أخرى، كان بمثابة خطاب نقدي فعال، وإن منمق للدولة ذاتها، واحتقارها التاريخي لسكان الهوامش، أمثال الريفيين، الذين طالما اعتبروا أنفسهم خارج مدار اهتمام المخزن، وبالتالي في معارضة له، فهم اليوم يناضلون من أجل حقوق طالما حرموا منها—ويعتبر هذا الحد الأدنى لمطالبهم، أما الحد الأقصى فيتجلى في حقهم في المشاركة في التسيير الديمقراطي لمنطقتهم.  لقد تحوّل التضامن مع فلسطين فعليًا من خطاب وطني مهيمن، إلى خطاب يبدو أنه بات يوحد الجميع بشكل مُتنام. إن استحضار فلسطين خلال المظاهرات التي انطلقت سنة 2011 من أجل إحقاق العدالة الاجتماعية والكرامة، كما قادتها "حركة 20 فبراير،" وواصل تحركاتها نُشطاء الحراك مؤخرًا، تشكل نقدًا مؤثرًا وشجيا لسياسة دولة المخزن وخياله الجيوسياسي، بما في ذلك مضيه قدما في التطبيع الفعلي مع إسرائيل.

من الواضح أيضًا أن هناك ديناميكيات إقليمية تحرك هذا الاتجاه داخل المغرب، بحيث أن فلسطين قد تكون أفضل رمز ممكن للتهميش الذي تعانيه الأهالي وتطلعات تقرير المصير في المستعمرات الإسبانية السابقة بالريف والصحراء الغربية، مقارنةً بالمناطق القروية الأخرى الناطقة بالأمازيغية. وكل ذلك يشير للمأساة التي تعيشها القضية الفلسطينية والتي تتجاذبها أجندات مختلفة ومتناقضة تصب جميعها في استغلال النكبة الفلسطينية لخدمة أغراض الدولة والسياسة الداخلية في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك المغرب. ففيما يوسع هذا التسخير للقضية الفلسطينية قاعدة التضامن مع فلسطين، ولو ظاهريا، فإنه يزيد من تحجر تلك الصورة النمطية للفلسطينيين كضحايا أبديين، وإن كانت لا تخلو من فائدة.

ملاحظة: هذا المقال لا يتطرق للفترة الراهنة من النضال الفلسطيني والمرتبطة بحرب الإبادة التي تفرضها إسرائيل على غزة والتي أعطت زخما جديدا لتضامن شعبي غير مسبوق في كل أنحاء البلاد، والذي ركز على إنهاء مشروع التطبيع.

تمت ترجمة هذا المقال بتصرف من زكية سليم.

المراجع

“En direct d’Al-Hoceima: Images impressionnantes! Vous n’êtes pas à Gaza, Vous êtes bien à Al-Hoceima!” Rif Online, July 20, 2017.

El Bouzdaini, W. “Zefzafi est-il séparatiste?” Maroc Hebdo, July 17, 2017.

Boum, A. “The Plastic Eye: The Politics of Jewish Representation in Moroccan Museums,” Ethnos 75 (January 2010): pp. 49–77.

Maddy-Weitzman, B. “Morocco’s Berbers and Israel,” Middle East Quarterly 18/1 (2011)

Mnebhi, F. “Nasser Zefzafi, un djihadiste, extremiste marocain copie conforme du terroriste daeshiste Aboubakr Al Baghdadi,” OujdaCity, May 29, 2017.

Surkes, S. “Morocco tipped off Israeli intelligence, ‘helped Israel win Six Day War’,” Times of Israel, October 16, 2016.

Ben-Layashi, S. “Secularism in Moroccan Amazigh Discourse,” Journal of North African Studies 12/2 (2007).

Silverstein, P. A. “Masquerade Politics: Race, Islam, and the Scales of Amazigh Activism in Southeastern Morocco,” Nations and Nationalism 17/1 (2011).

“Moroccan amazigh Poet: Arab World is Imperialist, ‘Palestine’ is Jewish” Kabylia.me.

[1] يشاع بأن الملك الحسن الثاني كان قد سرّب أيضًا تسجيلات للمناقشات السرية للقادة العرب حول استعداداتهم العسكرية خلال اجتماع الجامعة العربية عام 1965 بالدار البيضاء، مما وفر معلومات استخباراتية لإسرائيل قبل حرب 1967 (سركيس، 2016).

[2] إذا كان العديد من النشطاء الأمازيغ قد تبرأوا على مدى السنوات العشرين الماضية من تعبيرات التضامن مع الفلسطينيين باعتبارها مجرد خطاب هيمنة للدولة،  فإن العديد من الفلسطينيين - وخاصة المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل - ظلوا ينظرون إلى الجهود الأمازيغية لتأمين الحقوق اللغوية والثقافية والسياسية على أنها موازية لنضالاتهم كأقلية داخلية مهمشة.

[3] عادةً ما كان يتم ذلك دون أي تنسيق مع اليهود الذين لا يزالون يعيشون في المغرب.  ذلك لأن اليهود المغاربة، بوصفهم رمزًا للمعارضة الأمازيغية، هم أقوى رمزية عبر غيابهم، مقارنة بحضورهم الفعلي (بوم، 2010).